17 - 07 - 2024

عجاجيات | أكتوبر ونسمات العزة والفخر

عجاجيات | أكتوبر ونسمات العزة والفخر

لم أكن أتصور أن الله سبحانه وتعالى سيمد فى عمري حتى أشهد اليوبيل الذهبى لأعظم أيام مصر بل والأمة العربية فى تاريخها الحديث، أو بالأحري مرور ٥٠ عاما على معركة استعادة العزة والكرامة، معركة السادس من أكتوبر ١٩٧٣ والتي أعتبرها أعظم وأسعد الأحداث التى عشتها فى حياتى وقد أصبحت على مشارف السبعين من عمري.

انطلقت حرب أكتوبر ١٩٧٣ وأنا أعيش فرحتى بعبور الثانوية العامة بتفوق ووصول بطاقة ترشيح مكتب التنسيق لي تبشرني بقبولي فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. وكم كنت أتمنى أن أكون بين الجنود الذين عبروا القناة لو أننى أكبر وولدت في أوائل الخمسينيات (للأسف ولدت فى يوليو ١٩٥٥) وحاولت جاهدا التطوع للسفر إلى مدن القناة ولكننى رُفِضت لصغر سنى وضألة جسمى وقتها، غير أننى تمكنت من تلقى التدريب العسكري فى مركز شباب الجزيرة وشرفت بزيارة اللواء ممدوح سالم رحمه الله، وهو يرتدي الأفرول العسكري.

أخرجت كل افتخاري بمعركة السادس من أكتوبر عندما أكرمنى الله برئاسة المكتب الإعلامى بسفارتي مصر فى الجزائر ثم فى الإمارات، حيث شرفت بالمشاركة فى الاحتفال بيوم القوات المسلحة المصرية وانتصارات السادس من أكتوبر.. وأفتخر بأنني أصدرت فى كل احتفال مجلة تتحدث عن وقائع وأبطال حرب أكتوبر، وأعتز بأننى لم أنس حرب الاستنزاف التى مهدت لحرب أكتوبر واعتبرت التطعيم لها.. وأشرف بأننى تحدثت عن كل قادة حرب أكتوبر، وتحدثت عن قادة لم يمهلهم القدر ليشهدوا حرب أكتوبر مثل جمال عبدالناصر والفريق الشهيد عبدالمنعم رياض.

وأشرف بأننى تحدثت لوسائل الإعلام الجزائرية والإماراتية عن بطولات حرب أكتوبر، مثل بطولات المجموعة ٣٩ قتال بقيادة الشهيد العميد إبراهيم الرفاعى وبطولات كبريت بقيادة الشهيد العقيد إبراهيم عبدالتواب.

تمنيت من قبل أن يكون احتفالنا بالسادس من أكتوبر طوال العام من خلال قناة تليفزيونية وإذاعية أكتوبرية تروي للأجيال الناشئة وقائع وبطولات أكتوبر وتعطى لأبطال أكتوبر العظام مثل محمد أنور السادات وأحمد اسماعيل على وسعد الدين  الشاذلى وسعيد الماحى وجمال محمد على ومحمد حسنى مبارك ومحمد عبدالغنى الجمسى ومحمد على فهمى ومحمد عبدالحليم أبو غزالة وعبدرب النبى حافظ وتحسين شنن وحسن أبو سعدة وغيرهم وغيرهم، بعضا من حقهم.

بل أننى تمنيت أن تبحث هذه القناة الأكتوبرية التى تعمل طول العام عن كل من شاركوا فى حرب أكتوبر ومازالوا من الأحياء، وأن تلتقى مع أبناء وأحفاد شهداء حرب أكتوبر (فى الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد هناك وزارة للمجاهدين وهناك تنسيقية لأبناء الشهداء)

وفى رأيى المتواضع يجب وضع كل من شارك وساهم فى حرب أكتوبر فوق رؤوسنا، فبفضلهم نرفع رؤوسنا، وبفضلهم ترفرف اعلامنا فى طابا ونويبع وشرم الشيخ والطور ورأس سدر والعريش ورفح.

كل التحية والتقدير والاحترام لمن خططوا ودربوا وصنعوا المعجزة فى ست سنوات .. كل التحية لمن آمنوا بأن شعب مصر خير سند لأبنائه جنود وضباط الجيش المصري.. كل التحية للعمال والمهندسين الذين شاركوا فى بناء حائط الصواريخ ، كل التحية لأطفال الفلاحين الذين شاركوا بكل إخلاص فى تمويه دشم وملاجيء الطائرات التى ابتكرها سلاح المهندسين .. وكل التحية لمن تأكدوا أن مصر قد تكبو، ولكنها سرعان ما تنهض.. فالتحية واجبة لأبطال معركة رأس العش الذين لقنوا العدو الإسرائيلى درسا لايُنسى، وهو يحاول احتلال بو فؤاد فى أول يوليو ١٩٦٧(بعد النكسة بأقل من شهر) وتحية لأبطال لنشات الصواريخ الذين أغرقوا المدمرة الإسرائيلية إيلات، قبالة بورسعيد فى أكتوبر ١٩٦٧، وتحية لرجال الدفاع الجوي الذين جعلوا سماء مصر محرقة.. وتحية لأبطال معركة المنصورة الجوية من طيارين وملاحين وفنيين.. وتحية لرجال سلاح المهندسين الذين أقاموا الكباري لعبور القناة وجعلوا الساتر الترابى أثرا بعد عين بمدافع المياه وفتحوا الطريق لاقتحام وتدمير خط بارليف الحصين.

أتمنى أن يشهد الاحتفال باليوبيل الذهبى لحرب أكتوبر تكريم أكبر عدد من أبطال الحرب الذين ما زالوا على قيد الحياة وتكريم أكبر عدد من أسر الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون.

مهما كتبت عن أكتوبر أشعر بأننى مقصر فى حق أعظم أيام وأحداث مصر الحديثة...وأشعر أننى مقصر فى حق بعض الأشقاء الذين وقفوا بجانبنا فى تلك المعركة.. إذ كيف أنسى هواري بومدين وفيصل بن عبدالعزيز وزايد بن سلطان آل نهيان.. ستظل حرب أكتوبر ١٩٧٣ من أعظم أحداث مصر والأمة العربية قاطبة.. وسيظل يوم السادس من أكتوبر من أخلد الأيام التى عشتها، والتى لن أنسى وقائعها وأبطالها مهما تقدمت فى العمر.
--------------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات|